يشكل الجزء الشمالي من السودان مسرحا لمخزون أثري امتد لألاف السنين لكنه مع ذلك يمثل تراثا مهملا هجره اهله
والسياح الاجانب بسبب اهمال الحكومات التي تعاقبت على البلاد.
ويقف اكثر من 98 مبنى من الاهرامات في مناطق متفرقة على الشريط النيلي الضيق تحكي في سرد متواصل وساحر وغامض عن قصة تاريخ طويل تغلفه الروايات والاساطير الممتدة في شكل نسيج لحكايات شعبية وروايات اتصلت بالتاريخ الحديث.
وتربط الاهرامات في شمال السودان الحاضر بماضي امتد منذ عهد بناءها حتى الان تحمل في داخلها اسرارا صامتة لم تكتشف قصتها بعد لكنها من ظاهرها تحكي عن تاريخ سوداني عميق.
ويرى باحثون ان تاريخها يمتد منذ عصور ما قبل التاريخ الى الفي عام قبل الميلاد طبقا لاستنتاجات الكتابات الهروغلوفية المكتوبة على جدرانها في مناطق كانت تمثل عمق دويلات النوبة في الزمان القديم.
ويؤكد اساتذة الاثار في جامعة الخرطوم ان فترات بناء هذه الاهرامات مقسمة الى ثلاث مراحل، الاولى تبدأ مع حضارة "كوش" ثم ما يعرف من التاريخ السوداني القديم بمملكة "نبتة النوبية" والدولة المروية.
وقال الباحث في التراث السودانى فائز مكي ان اهرامات السودان ملتصقة بالحضارة الفرعونية القديمة في مصر التصاق في فترات متقاربة مشيرا الى وجود دراسات تؤكد انها بدأت اولا من السودان.
ويرى مكي ان هذه الاهرامات عبارة عن تاريخ يحكي قصة الحضارة النيلية القديمة الممتدة من جنوبي مصر وحتى مدينة كريمة في شمال السودان مضيفا ان هذه الاهرامات هي عبارة عن معابد ومدافن لملوك النوبة القدماء امثال امون رع الاله المعبود في ذلك الوقت وترهاقا وبعانخي ومن بينها مباني اخرى خاصه بمعابد وامكنة ولادة الملكات.
وقال مكي ان هذه الاهرامات كانت تمثل في ذلك التاريخ اماكن مقدسة خاصة تلك الموجودة في منطقة جبل البركل شرقي مدينة مروى شمال ويوضح ان جبل البركل كان عاصمة مقدسة لمملكة نبتة وكان يحج اليه الناس من كل مكان حتى جنوب مصر.
لكن الشاهد مع ان تاريخ الاهرامات السودانية ضاربة في الجذور واستطاعت ان تقاوم طول التاريخ ومشاكل الزمن الا انها اليوم تعيش فصلا مأساويا اذ حاصرتها تلال الرمال من كل جانب في منظر ينم عن نهاية حزينة تنتظرها قريبا.